جولة حول الأردن

  ما أبحث عنه حين السفر هو السحر، ذاك الذي يمسّ قلبك دون اعتبار لكون المدينة جميلة أم لا، شيءٌ يسكنها كومضة برّاقة، ما إن تراها ستعلق بعيّنك للأبد.

في لحظةٍ فائقة، كثيفة وباهرة. المدينة من علوّ، وقد تداخل شفق الغروب بزرقة البحر، تواتر الأذان من مآذن مساجدٍ شتى، وأحاطت المدينة الجديدة بعمرانها المتعالي بالمدينة القديمة الموغلة في السكون.

عيناي الممتلئتان بالمدن المدهشة، بالآثار والقصور والأزقة والأسواق والبيوت، عيناي المتشبعتان بالألوان والمناظر والصور، عيناي عندما رأتا شفشاون، شعرت بهما وكأنما تدركان الجمال لأول مرة، وأن كل ما رأتاه في السابق محض تشابهٍ وتكرار..  مدينةٌ تامة الجمال، لا يسوؤها شيء ولا يشوبها نقصان.

في وسط أسواق وسط البلد، في وسط زحامها والحياة التي تضج بين جنباتها، والجموع التي تروح وتجيء، ثمة فسحة من الهدوء، بوابةٌ ضخمة ترتفع على صدر سورٍ محيط، تعلوها لافتة تشير إلى الحديقة السرية.. اقتربت من البوابة ولقد استغربت وجود القصر في هذا المكان اللُجيّ، وما إن دخلته حتى انفتح لي بابٌ من أبواب جنّة مستترة..

  مرّ بها أحد العاشقين فقال في وصفها: "  بيضاء جميلة ذات عينيّن خضراوين صافيتيّن   في مرتفعها تختال بجمال الجغرافيا . في مقامها العالي أعلى الربوة،  أول من ترتدي حلة الشمس الذهبية في الصباح، وأوراق شجر البرتقال الندية أول من تقبّل شعاع الضوء، وفي مهرجان الضياء هذا، تستحم البيوت والقباب ومنحدرات الطرق الحجرية وشجر النخيل." 📍قهوة  الشبعان. كأس تاي بالبندق -شاي أخضر بالصنوبر - نخب المدينة وبحرها وضيائها.

ياسمينة الدار، تُشرف عليها من علوّ، وقد امتدت من الفناء، تسلّقت الجدران المغطاة بالجيليز الملوّن المنقوش، مرّت بأبواب الغرفات، منحت عطرها للزوايا، وأكسبت البيت رائحته. في الدور العربية، أحب أن أقصد السطح، هناك تنكشف أمامي المدينة بأكملها، بحواريها وأنهجها ودروبها، بمآذنها وساحاتها وأسواقها، بأسوارها وقلاعها وأسرارها المتوارية.